الأحد، أبريل 28، 2013

نافذة محبة ،،


إن أسوأ الفترات التي تمر بنا هي تلك التي نشعر فيها بالوحدة و الغربة حتى عن أنفسنا، نتجاهل فيها خيراً يسكننا و خيراً يسكنهم، نقتفي أثر جُرحٍ يؤلمنا و نزيده ملحاً علّنا نشفى ..

تتعاقب علينا أنهُرٌ و ليالٍ نرى فيها حلكة الليل أكثر أنساً من بزوغ النهار فتتراكم فينا أوجاع تجعلنا نرتدي نظارتنا السوداء في النظر إلى من حولنا فيبدأ عقلنا الباطن بالتنقيب عن عيوبهم المختفية خلف صغائر الأفعال ..

فنحسب وقتها أن الدنيا بما فيها تجتمع ضد ارادتنا و تبغضنا وكأنها النهاية، وقتها فقط يبث الله في قلوبنا نوراً يكون مصدره يد مُحبَة من نافذةِ مَحبة أرسلها لكَ لتعلم أنك لست وحيداً و أنه تعالى معك ..

فلماذا لا تكون تلك اليد التي ترسم بسمةً بأمر الله؟!! و لماذا لا تفتح أنتَ نافذةً من نوافذ المحبة ؟!!

حين قرأت خطاب المحبة الذي كتبته صديقتي حرّك بي ما كنت أغفل عنه فعلاً و ما أنا متأكدة أن كثير منا غافلين عنه فاذا أردتم أن تستيقظوا مثلي فاقرؤوهhttp://rafeefalnour.wordpress.com/2013/04/26/خطاب-المحبة/

هي فسرت كل تشوهات المجتمع بمرض نقص المحبة و التقدير وأنا أؤيد قولها : "مجتمعا بتشوهاته ، ليس إلا نتاجاً ، لجفافِ نبعِ المحبةِ والتقدير ، هذه النبعُ الذي لم يُوجد أساساً ليجف ، أغلبُ البيوتِ خاليةٌ من تقديرِ أفرادِها لبعضهم ، يتمنع الجميع استحياءً وكبرياءً  عن التعبير عن مشاعرهم ، فيصاب الأغلب بمرض ” الخوف من إظهار المشاعر ” ويذهب الباقي للبحث عن تلك المحبة خارجاً .. فلا يجد .."

كيف لشخصٍ أن يكون سوياً و قد حرمه أبواه من حضنهما الدافئ في وقت الشدة بحجة أن ذلك ضربٌ من ضروب الدلع !!!
كيف لشخصٍ أن يحترم نفسه و هو يجد الجميع حوله يقللون من شأنه و من شأن تصرفاته و انجازاته
!!
كيف لنا أن نقتل حساسيتهم بالقسوة المبرحة و لو بالكلمات الجارحة
!
الضرب يا أعزائي ليس ذاك الذي نستخدم فيه عصاةٌ أو ساطور و لكنه استخدام أبشع ما يترك أثراً عقيماً في النفس و لا يُمحى، إنها الكلمات التي ما إن حفرت فيكَ عقدةً ما ، لم تتركك حتى تجعل منكَ انساناً فظاً غليظ القلب قاسياً
..

كفوا عن تربية أولادكم و طلابكم بعيداً عن الرحمة، فهاهو رسولنا الكريم مدرستنا في الرحمة يعلمنا في حديثه الشريف :(( عن أبو هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا فَقَالَ: الأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ ))
إنه رسولكم الكريم الذي كان لذريته نعم التربية و حسن الخلق و ها هو يقول أيضاً((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَة))َ
لا تنزعوا الرحمة من قلوبكم فكما قال عليه الصلاة و السلام من لا يَرحم لايُرحم فقد قال تعالى في كتابه العزيز﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)

لن أدّعي أنني أهلٌ لدعوتكم لذلك و لكن كلي أمل أن يهديني الله و اياكم إلى ذلك اللين و تلك الحكمة ..

فكر معي قليلاً 
كم من الوقت ستستغرق و أنتَ تتجاذب أطراف الحديث مع أمكَ التي تحسبكَ كبرت و استغنيت عن مشورتها في أمورك ؟!
لن تخسر وقتاً قليلاً بل ستكسب رضاً كثيراً حين تشعرها أنكَ ما زلت طفلها الصغير الذي يحتاج حنانها و مشورتها

فكر معي قليلاً 
ماذا ستخسر لو تذكرت صديقاً قديماً عزيزاً و اتصلت به هاتفياً أو أرسلت له رسالة محبةٍ تخبره فيها كم أنت مشتاقٌ لرؤيته ؟!
والله ستجد سعادته بمحبتك الصغيرة تساوي أضعاف ما خسرته من الوقت لتهبه له

فكر معي قليلاً 
هل ستكون الكلمة الطيبة ثقيلةً على لسانكَ و أنت تدعم فيها من فقد الثقة أو من غرق بالحزن و الألم ؟!
صدقني ستشعر بسعادةٍ بالغةٍ و أنت ترى الابتسامة تزين الوجوه الحزينة أو الثقة تعود لمن فقدها بدعمك

فكر معي قليلاً 
ماذا سيكلفك الدعاء لهم بالخير حين تشملهم فيه ؟!
سيكلفك بأن يقول الله لكَ "و لكَ بالمثل

فكر معي قليلاً و كن ايجابياً ..ابدأ بابسط الأشياء و ستصل إلى الثواب الأعظم، لا تستهن بفعل الخير و لو قلّ، حاول أن تفتح لهم نوافذ محبة من خلال عيونكَ أنت ..
لن أطيل بهذه التدوينة و سأعطي لصديقتي متسعاً من الوقت لتستمع لأفكاركم و لتجمع أفكارها في ادخال السرور إلى قلوب الناس و لتفتح ما تبقى من نوافذ المحبة عندها معكم ، و يكفيني أنا هذه النافذة الصغيرة من المحبة ..
و أختم حديثي هنا بالدعاء لها : " رب أدِم السرور في قلبها كما تدعو عبادكَ لادخال السرور لقلوب البشر" :)



هناك 4 تعليقات:

  1. أشعر أحيانا أنك عيني الثانية ، تبصرين ما أعجز عن المضي في إبصاره ، وتعينيني بكلماتك وافكارك العذبة، لأكمل فكرة ومضت في بالي ، فتقوينها معي لتبصر النور

    صديقتي ..
    شكرا لأفكارك الجميلة التي كتبت في الأعلى ..
    أنت وبلا مجاملة نقطة انطلاق الخير .. =)

    ردحذف
  2. كلام واقعي وعميق يمسّ صميم حياتنا اليومية
    ما أرغب بإضافته عليه هو زيادة التأكيد والتشديد على إلقاء اللوم على المجتمع وطبيعته في بروز مثل هذه الآفات والأمراض الاجتماعية.
    أنا أدرك أن الأسرة هي نواة المجتمع، ولكن هذه النواة إذا ما سقيت بماء غير صالح واستوطنتها الأفات الممرضة تكبر مع مرور الزمن لتغدو ثمرة هزيلة ضعيفة غير مفيدة.

    أحييكِ على إبداع نسج العبارات وانتقاء دقيق الكلمات،
    تقبلي مروري..

    ردحذف
  3. رفيف .. إن كنتُ أنا عينكِ الثانية فأنتِ ضميري الذي يوقظ الخير داخلي و يرشدني إلى ما يغيب عن ذهني

    صديقتي ..
    أفكاري أنا ولدت من رحم أفكاركِ الناضجة

    صديقتي
    دام حبنا في الله و دام تكامل أفكارنا

    صديقتي
    في كل لحظةٍ أفكر فيها بذاكَ القدر الذي يفرقنا، ابتسم و اقول ستجمعنا أفكارنا و كتاباتنا و أرواحنا :)

    ردحذف

شارك برأيك