الأربعاء، أبريل 17، 2013

نضج ،،

حين تدق الساعة الرابعة من الشهر الرابع يبدأ عقدي الرابع و العشرين بالتقاط أنفاسه الأخيرة ليرحل للأبد .. ليرحل و يترك بي أشياءً كثيرة، و قصصاً طويلة، و مواقف مؤثرة، و قراءات مفيدة أو متعبة ، و احتمالات مجهولة ، و حكايات لا تنتهي ...

كنت قد كتبت سابقاً - حين أنهيت السنة الثانية بعد العشرين - مقالاً قصصياً بعنوان " وتذوب " و فعلاً كنت أذوب مع كل حرفٍ كتبت ، و في كل يومٍ كنت أشعر فيه بانفصال أحلامي عني كنت أعيد قراءته مرات و مرات حتى أعيش قصتي كما وصفتها حروفي بكل صدق ، و حتى أعيد شريط طفولتي في ذاكرةٍ تعبت من التفكير بمستقبلٍ مجهول .. و لكني في هذا العام أريد أن أكتب عن نضجي آخر لحظةٍ تركت فيها القلم - وأنا أكتب - حين ودعت عامي الثاني و العشرين حتى هذه اللحظة ..

سنتان .. قد يظن البعض أنهما قصيرتان جداً مقارنةً باثنان و عشرون عاماً مضوا لكنهما ليسا كذلك فقد أسميت عامي هذين بعامي النضج و الاستقرار فاليوم أترك عامي الرابع بعد العشرين بسعادةٍ غامرة لا تقدر على وصفها حروفي ..

حين أنهيت عامي الثاني بعد العشرين كنت أطرق أبواب الحُلم بنظرةٍ باسمة أبحث عن راحة البال وعن نهاية زاهيةٍ ملؤها الخصب والندى و عندما تجلت النهاية شعرت بغصةٍ لم تفارقني و بفرحةٍ لم تسعها الأرض و لا السماء ..

أما الفرحة فكانت فخرهم بي و سعادتهم بنجاحي و اصرارهم على تميزٍ لم ألحظه قط إلا من أحاديثهم عني ، لا أعلم وقتها لماذا أصابني البرود و لكن الابتسامة لم تفارق شفتاي لأجل عيونهم التي كانت تعطيني قوةً و أمل ، فقد اكتمل اللقب الذي طالما كانت أمي تحلم بأن أصل إليه بعد ذاك الشقاء الأبدي في نظرها ، و الممتع في نظري .. إنه كما يقولون " البشمهندسة " ، لم اكترث يوماً لكي أدرس شعوري بعد اكتمال اللقب و لكني كنت في كل خطوةٍ أخطوها نحوه أتجه نحو أمي بكل خبث و أهديها شهادتي الجامعية ، فقط لأرى تلك الدمعة المختلطة بابتسامةٍ خفية تقول " هنيئاً لي بكِ "  .. كيف لعقلي الصغير أن يحتمل معنى أن يهنئ أحدٌ نفسه بي ، أنها أكبر من احتمالي و قدرتي على الاستيعاب فعلاً و لكنهم الأهل هم الوحيدون الذين يهنئون أنفسهم بوجودكَ بينهم و لو بدمعةٍ أو بسمة ..

أما عن الغصة التي لم تفارقني و لن تفارقني فهي غصة رحيلهم عني و ذهاب كلٍ منهم إلى حياته ، كنت أعرف دوماً أن تلك المرحلة ستنتهي فعلاً و لكني كنت أخاف التفكير في لحظة غيابهم عني ، كنت أشعر باختناقٍ شديد بمجرد التفكير باختفائهم من المراسم التي طالما جمعت أحلامنا و مشيكلاتنا سوياً ، آآآآآآآآآخ آآآآآآآآخ .. تنهيدات تصّر أن تختلط بدموعي لتذكرَ رفقاء الدرب و زملاء الدراسة و اصدقاء شاركونا بكل تفاصيل حياتنا لأننا ببساطةٍ عشنا معهم كأسرة أكثر من عيشنا ضمن منظومة الأسرة الفعلية التي طالما غبنا عنها و لم تدركنا تفاصيل كثيرة عنها إلا بعد فوات الأوان لانشغالنا بما كنّا فيه ..

وقتها فقط وحين ابتعدوا و تقبلت ذاك البعد كتبت :"حين تصبح الحياة بعض حنينٍ لأيامٍ مضت و بعض حنينٍ لأحلامٍ انتهت .. 
حين تصبح أوجاعي حبر كتابتي و ما تركت من زادٍ في ذاكرتي ..
وقتها فقط تستحضرني ذكريات جميلة مع أناسٍ أحببتهم حقاً و تستثيرني مواقف نبيلة تعطيني بعض أمل أنسى به ذاك الألم ، تلك الغصة التي يتركها الفراق يوماً ... "

و حين خرجت من عزلتي بعد انتهاء اجبار البطالة على وجودي ضمن بيتٍ لم أعتد أن أظل أتأمل جدرانه الباردة و أحسب كَمَ خيببات الأمل التي سأجنيها لو بقيت هكذا ، انطلقت لمعرفةِ أناسٍ جدد و للعيش ضمن أجواءٍ جديدة لم أعهدها من قبل فإذا بي أعود لعادتي في التعلق التي أقسمت من يوم تخرجت أن أتركها و لكني اكتشفت أنها فطرة البشر ، فإذا بمكانٍ غريب جميل جمع أحلامنا و أوجاعنا و ابداعاتنا و أسميناه بعموم اللفظ " مكان " ..

أنه مكان و أي مكانٍ هذا الذي يجمع وجوهاً شابة تسعى لحلمٍ مشترك ليترك فيها أثراً خفياً و بصمةً ستظل رغم اختفاء الحدث و حين حانت لحظة الرحيل كتبت : " بعد ساعات سنغادر مكاناً عشنا فيه أياماً تجمع بين أحلام نتمناها و واوقعٍ نتعايش مع تفاصيله ، ستبقى كل زاويةٍ تشهد على ما نسجنا من علاقاتٍ طيبة ... تشهد على خبرةٍ خرجنا بها من التعاملات والمناوشات و الثورات والتعاون والمحبة والإخاء و الفرحة المشتركة ...

فنرجو لو نبقى كذكرى عابرة ...
سنفتقد توجيهات مدربنا في الحديث عن التقنية ...سنفتقد نشاط عاهد و حرصه على مصلحتنا التي نتناساها أحياناً ، سنفتقد تساهله و تقديره لظروفنا :D ...سنفتقد مرح محمد الفنان ، و دروسنا في الخط مع وسام ، و احتراف رائد في فهم الانسان ، و حساسية زكريا في التعبير عن فنه و أفكاره ، و سرعة رائد في التفكير بذكاء ،و استنفار حسن المستمر في أداء المهام ، و غموض خضر و اجتهاد طاهر ، و مزاح محمود الذي لا ينتهي ...سنفتقد قصص أم خالد الشيقة التي كانت تأخذنا إلى عالم الأحلام ، وطموح و ثورية هناء الدائمة ، و عفوية سوزان و اصرار أماني على رأيها ، و التزام ريهام ، و مثالية غادة ، و رزانة حنين و حلاوة روح هلا ...و الأكيد أنكم ستفتقدون حديثي الذي يزعجكم دوماً و تحريضي على المطالبة بالحقوق دوماً ^^ ...
أتمنى حال سماعكم أسمائنا ألا تتذكروا إلا الطيب منّا ...  :) "

أما عن تجربتي الجديدة الفريدة التي غيرت بي كثيراً فهي تعاملي مع أولئك المبصرون بقلوبهم الصُم بأسماعهم ، الذين حرموا من قدرة التعبير عن أنفسهم باللسان فمنحهم الله قدرة خارقةً على الابداع و الاتقان و قدرة على الحب دون شروط إلا أني كتبت لهم وقتها :"متعبةٌ هي أحلامنا حين تموت على أعتاب الحقيقة ... كفقدان قدرتنا على الصراخ في قمة الألم كاحتباس الكلمات في حناجرنا وقت حاجتنا للتعبير ... عن المحبة ... عن الندم
لا نزال أطفالاً في مدرسة الحياة تنفينا الظروف إلى حيث اهترئت مشاعرنا .. فأحياناً علينا أن نحكم على أشواقنا بالسجن المؤبد أو بالإعدام شنقاً ، لأن لا أوطان في الحب جبراً تقبلنا "

و عن عودتي من جديد للمكان الذي تعايشت معه وقتاً طويلاً مع اختلاف صفتي فيه كان الشعور مختلفاً و كنت أرى نفسي فيهم فأتذبذب في التصرف بين الحزم و الحنان ، لقد تعلمت وقتها كيف أفصل بين شخصية المعلمة و الصديقة ، و بدأت بتكوين صداقاتٍ جديدة و اقتماص شخصية المعيدة التي كنت من أكثر المعارضين على وجودها وقت دراستي :D ، لكنها الأيام تضعنا حين يريد لنا الرحمن لا حيث نريد نحن فالحمد لله ..

و من هذا المكان زادت علاقاتي  فأصبحت سعادتي مضاعفة بذلك ..

و كتبت وقتها: "أكثر الأشياء غرابةً في الحدوث معي هي أن جميع أمنياتي التي و إن لم أنطق بها تتحقق ، حتى كدت أخاف منها فعلاً فالأمنيات كما تعلمون جميلة و لكننا لا نعرف أين يختبئ الخير .. فأحياناً لا بل دائماً لا نعرف هل وصول هذه الأماني إلى لحظة الحقيقة هي قمة الخير لنا أم العكس ... ثقتي أنا بالله كبيرة فأنا أعلم أنه يعرف الأفضل لي و لكني لن أكف عن ذاكَ الدعاء الذي علمني اياه أحد الأصدقاء ( ربي أعطني الخير ، لا ربي حقق ما أتمنى فأنت تعلم كل الخير و أنت علأّم الغيوب ) "

فلحسن الحظ جمعني القدر بصديقتي سوزان التي فتحت لي آفاقاً جديدة للتفكير بأسلوبٍ جديد فكانت سبباً في بدء مشروعي الجديد " Mini Space " فبدأت بها كفكرةٍ مستحيلة و اتجهت الآن نحو الواقع لتصبح حقيقةً واقعة تنتظر بصيصاً من نور لنحصد نتائج نجاحها بالصبر و المثابرة رغم كل المعوقات و لتصبح للفكرة معنى لابد من فريقٍ يؤمن بنجاحها و يسعى لانجاحها لذلك اتخذت تلك الخطوة الجريئة في اختيار من تيقنت من ايمانهم بفكرتي و حاولت توطين الفكرة في قلوبهم و توطين قلوبهم بالنجاح . 

و في خضم ذاك الصبر على نشر فكرتي ، و في قمة انشغالي به، كان مشروعي سبباً في زيارة النصف الآخر من بلادي فكتبت :  
"و من طرائف القدر أن أزور قبل أشهر بلادي التي كنت أقرأ عنها في كتب التاريخ فقط ، بلادي التي كنت أظن أنها حلم صعب المنال ، بلادي التي أنا اليوم في شوقٍ لأعود لزيارتها مرةً أخرى دون أن يمنعني مغتصب و محتل.


لقد حركت بي تلك الزيارة الانتماء الذي قتله روتين الحياة اليومية

في يوم 4/10/2012 تلقينا خبراً ساراً يفيد بأن التحريات عن شخصياتنا العظيمة قد انتهت و قد صدرت الموافقة على سفرنا إلى الضفة الغربية عبر معبر "ايرز" فأسرعنا بتحضير حقيبة سفر صغيرة خالية من جميع ما يعرضنا للشك و المُسائلة ، لن أستطيع وصف فرحتي يومها فقد كدت أطير من شدة الفرح مع أني لم أكن أعرف ما ينتظرني وتوجهت للنوم وأنا أحلم كيف ستكون أيامي القادمة بعيداً عن أهلي و في داخلي وطني الذي أجهله.

و في الساعة الثامنة توجهنا أنا و أخي إلى المنطقة التي اتفقنا فيها مع البقية وانتظرناهم قليلاً حتى حضروا و من ثم ذهبنا سوياً إلى تلك المنطقة الأمنية المغلقة و قد ممرنا طبعا بثلاث محطات اثنتان منهما فلسطينية و الثالثة معادية و حين وصلنا إلى المحطة الثالثة كانت الحذر هو أسلوبنا في التعامل مع الأحداث ، كنت أشعر و أنا أرفع يداي عالياً لأدخل جهاز الفحص بالذل و الهوان ، أي زمانٍ هذا الذي أجبرنا أن نأخذ إذناً حال دخولنا بلادنا، أي زمانٍ هذا الذي أجبرنا على أن نرفع ايدينا استسلاماً دون أن نعرف السبب، كنت أتألم فعلاً و لكني كنت أدعو في الوقت ذاته أن تمنحني الحياة تلك التجربة و أرى بلادي - التي طالما كانت مواضيع أبحاثنا - وأراضينا - التي كانت مقترحات لإقامة مشروعاتنا و التي كنّا نكتب أن أكبر معوقاتنا في اقتراح اقامة مشروعٍ عليها هي الوصول إلى النصف الثاني من بلادنا و دراسة طبيعة أرضنا - ، كنت أشعر يومها أن الله منحني ما حلمت به دون حولٍ مني ولا قوة.

وما إن استلمنا تصاريحنا حتى توجهنا مسرعين متشوقين مبتعدين مقتربين فكانت الحافلة تنتظرنا لتقلنا إلى رام الله ، و ما ان تحركت الحافلة حتى استيقظت جوارحنا و بدأ كلٌ منا باستخدام عدسات الكاميرا لتصوير جمال بلادنا، لقد تحول كل تعبنا إلى متعة في النظر إلى تلك التضاريس المختلفة عن مدينتنا الساحلية و إلى تلك الطبيعة الخلابة التي تفصلنا عنها فقط بضع ساعات، كان اقترابنا من تلك البلاد بمثابة ولادةٍ جديدةٍ لأحلامٍ اندثرت منذ زمنٍ بعيد، كنا مع كل ثانية تمضي نشعر بأن الهواء هنا يرد لأرواحنا بعض ما فقدت من النقاء والحب، كنا نشعر أيضاً بغصةٍ في سلب أراضينا التي تسلب القلوب و العقول بجمالها و نقائها ، بلادنا التي تشفي السقيم بعليل هوائها.
كان وصولنا إلى الفندق الذي كان مقرراً لنا الاقامة فيه شعوراً جديداً، فلم يكن يعنينا جمال البنيان بقدر ما كان فضولنا يدفعنا لترك حقائبنا في الفندق للإسراع في استغلال كل لحظةٍ لاستكشاف بلادنا التي حُرمنا منها عمراً - و ربما لن تتاح لنا فرصة زيارتها مرةً أخرى – و فعلاً و بسرعةٍ كبيرة جهزنا أنفسنا لحضور ورشة عمل حول ريادة الأعمال، كان الطريق من الفندق حتى مقر كوكا كولا متعةً في حد ذاته فقد كانت الطرق الجبلية التي لم نعتد عليها أكثر تشويقاً وكانت عدسات الكاميرات لا تتوقف عن تصوير تلك المناظر الخلابة، وصولنا للمبني و حضورنا ورشة العمل لم يكن هدفنا الأول فقد كنت و أنا استمع لما يقوله المدرب اتأمل في وجوه أولئك الذين تجمعوا من كافة مدن فلسطين التي كنت أسمع باسمها فقط – رام الله، نابلس، الخليل، القدس، جنين، بيت لحم و بيرزيت – ليأكدوا أننا وطنٌ واحد رغم قرب المسافات بيينا وصعوبة ازالة الحواجز التي أجبرنا عليها معتدٍ غاصب، كانت معرفتي بأبناء وطني كنزاً، وكنت بعد سؤالي لأيٍ منهم عن اسمه أسأله من أي مدينةٍ أنت؟ و كنت لا أكتفي بذكر اسم المدينة و لكني كنت أيضاً استفيض بمعرفة أكبر قدرٍ من المعلومات عن تلك المدينة و عن بعدها عن المكان المتواجدين فيه حالياً و كيفية الوصول إليها ، أسئلةٌ كثيرة كنت أريد اجابتها ليس فقط بكلماتهم البسيطة التي لا تشفي فضولي و انما أردت أن أزور كل منطقةٍ في بلادي لأتعرف عليها أكثر و أحبها أكثر و أكثر .. "

و ما إن عدنا إلى غزة حتى قامت حرب قذفت في قلوبنا صبراً لا خوفاً فكتبت وقتها : " أصبحت أكره النظر إلى صور أولئك الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى أن هذه بلادهم ، و أن البيت الذي كان يحتضنهم مستهدفٌ بدون سبب .. كفوا ايديكم عنا " ولم يكفوا أيديهم حتى أذاقونا من الموت كثيراً و أذقناهم من الرعب أكثر ..

و ما إن خرجنا حتى عدت أكمل حياتي ساعيةً بكل جهدي نحو نجاحٍ مبهر يزيد فخر أمي و أبي بي و يرسم لي مستقبلاً أجمل ..


 و الآن اكتمل نصاب حياتي بهم فأغدقوا عليّ من كرمهم حباً و عملاً و اخلاصاً فكان يوم ميلادي هذا مليئاً بالدفء و الفرح و البسمة، إنهم صنعوا عيدي ...


" صديقاتي إن كنت قد تأخرت في تهنئتي نفسي بكم و بطفولتكم البريئة النقية .. فلأني لا أريد أن تكون تهنئتي لكم و بكم تهنئة عادية في خضم هذه تهانيكم اللطيفة التي يملؤها المرح ..
أريد أن تكون تهنئةً خاصة بمن لا يليق بهم إلا ما يليق بالفراشات ..
لقد أثرت بي صحبتكم و معرفتكم على الرغم من قصر مدتها
لقد أحلتم حنيني لابتساماتٍ كثيرة لأجلكم أنتم ،
كم أحب توافق قلوبكم الذي افتقده الآن..
كم أحب مرحكم ..
صغيراتي
إن أخذتنا الحياة بعيداً عن اللقاء ستظل القلوب على اتصال
ما أجمل أن يزرع أحدهم في قبك حقول الزنبق فتنبعث رائحة زكية تسكن المكان
كم يصعب عليّ فراقكم طبعاً ،
بعد سنةٍ جديدة و شهورِ قليلة ستغادرون مكاناً جمعتكم فيه ذكريات و آمال و أحلام لترسموا واقعاً جميلاً بذاك النشاط فيكم و تلك الهمة العالية، كم سأشتاقكم وقتها و أشتاق لذكرياتٍ جمعتنا أيام و أيام ..
كونوا بخير دوماً يا جميلات
كوني كما أنتم بمرحكم فالأمل فيكم أنتم..
إن قدوم هذا العام زيارةُ لغيث يسقي حباً لكل من رافقكم و يهديكم ابتسامةً لن تنسوها .. فابتسامتكم و أناملكم و روحكم و حتى أثركم تضيف رونقاً للمكان و تضيف للثواني و والدقائق و الأيام أعماراً من نور و امل ..
أنتم احدى من أقتت من ابتساماتهم الصادقة في عامي الماضي ،فكم يتجلى على عرش قلبي قوت سنين التي لم تأتِ بعد ....
أنتم احدى خبراتي و صداقاتي التي سأخرج بها من الجامعة بعد سنة أو أكثر من التعاملات و المحبة و الاخاء و الفرحة المشتركة ....
و على قصر مدة معرفتي بكم إلا أنكم قد لا تدركون حجم السعادة التي تسكنني حين أرى ابتسامتكم و أشعر ببراءة قلوبكم .. أو حتى حين أراكم
فوجهكم تملؤني تفاؤلاً و ملامحكِ تزيد أيامي أملاً
اليوم أدع كلماتي تتحدث بما لا أستطيع قوله أو وصفه ..
كل عامٍ و أنتم بنجاحاتٍ متلاحقة ..
كل عامٍ و ايامكم القادمة أجمل..
شكراً لمن كانوا احدى من أمطروا صحرائي فرحة غامرة و محبة ساحرة .... .
..كم كنت أود فعلاً أن أرى بريق عيونكم و أنتم تقرؤون ما كتب قلبي لكن...
عامي أجمل بصحبتكم ..
وصيتي لكم أن تسترقوا كل دقائق الضحكات و أوقات الدعابات في وجودكم معاً ..
ان وجودكم معاً أجمل ما ستشعرون فيه حين تفرقكم الاقدار ..
كونوا معي أو بدوني بخير و سعادة ..
و استغلوا فرصة وجودكم سوياً أرجوكم فهذا صدقوني أجمل ما ستخرجون به من دراستكم هذه و وجودكم هذا ..
كل عامٍ و أنتن أجمل    
كل عام و عيدي لا يكتمل إلا بكم .. فكلمات شكري قليلةٌ مقابل ما فعلتم"



هناك 6 تعليقات:

  1. إن أجمل ما يمكن أن يلتقطه المرء في هذه الأيام التي تمضي بآلامها وآمالها هي لحظات صفاءٍ مع نفسه يرى فيها كل ما قد مضى وكل ما هو آت ببصيرة الشاب وحكمة الشيخ، وقد كانت هذه احدى تلك اللحظات بعد أسبوع يشق عليّ أن أوازيه بما أملك من الكلام سوى أنه مرهق مرهق، ابتسمت كثيراً أمام شفافيتك يا رغدة وقد أمعنت ما أمعنت فيما كتبتِ .. وكنت أصارع تلك الغصة في داخلي كلما ذكرتيها فكانت جلّها ابتسامات ممزوجة بماء الحنين والحب والألم ذاك ..
    رغدة أنا سعيدة بكل تلك المشاعر التي تكتنزك سعيدة بإنسانيتك وحرصك على الوصول للشرف الذي وصلتِ بكل ذلك الإصرار حتى إذا ما ضاقت الأيام فك أزرها اشتداد أزرك ..
    هنيئاً لكِ بما تملكين .. وهوني عليك فما الفراق إلا ميعاد للقاء ما :)
    كل الحب
    وكل عام وأنت بخير.

    ردحذف
  2. هبة .. لقد أسعدني مروركِ و امعانكِ فيما كتبت
    رأي كاتبةٍ مثلك يُهمني جداً
    جعلتيني أبتسم ابتسامةً صادقة .. كل عام و أنتِ صديقتي
    سأهون عليّ الفراق كما قلتِ و سأنتظر موعد اللقاء :)

    دمتِ بود

    ردحذف
  3. "و من طرائف القدر أن أزور قبل أشهر بلادي التي كنت أقرأ عنها في كتب التاريخ فقط ، بلادي التي كنت أظن أنها حلم صعب المنال ، بلادي التي أنا اليوم في شوقٍ لأعود لزيارتها مرةً أخرى دون أن يمنعني مغتصب و محتل".

    فعلاً، فقد كانت هذه إحدى طرائف القدر، حباها الله لمن دعى فسعى فنال من ربه ما تمنى.
    أنا على ثقة كاملة بالله بأنها سوف تتكرر وسنرجع يوماً لنزور ما زرناه سابقاً وما فاتنا منه كذلك.
    أحييكِ على إبداع عباراتك وجمال ما خطّت ريشتك.. :)

    ردحذف
  4. وكنت قد كتبت خاطرة صغيرة حال عودتنا من هناك:

    "شطرٌ من الروح في الضفة، وشطرٌ في غزة".

    المسافةُ بينهما ليست بعيدة أبداً،
    حتى الرّحلة إلى هناك لم تكن مرهقة أو مملة،

    ما يُبعد المسافة ويُنغّض حلاوة الرّحلة، هو ما تراه من حواجز على طول الطريق: تفتيشٌ هنا، واستجوابٌ هناك، يكفي نظرة مسئول العبور تلك عند الحاجز، حينما يدقّق في بيناتك، ويسلّمك تصريح الدخول لعبور "شطرك" الآخر بإذنه دون إذنك، عيناه تلمعان بنظراتِ العلوّ اللتان تُشعِرنَكَ بهوان حالك الذي وصَلتَ إليه وعظيم الألم الذي دبّ في جوارحك وما يزال،
    ثم تمضي لتعبرَ نصفك الثّاني، ترى الطريق إلى هناك مصبوغاً بنكهةٍ أخرى تكادُ تمحي معالمه الأصلية وتطمس ذاته، تشعرُ بفرق الحضارةِ بين هنا وهناك، لكنّك تفقدُ ما لم تصنعه الحضارةُ لديهم من روح المكان وعبقِ التّراث، كلّ ما تراه في طريقك هو وليد بضعة عقودٍ من الزّمان، حتى الأرض تأبى وأن تضفي عليه شيئاً من العراقةِ والأصالةِ، وما عليها من نباتٍ يحمل فقط أوراقاً وثمارا، تهتزّ بأرقّ نسيم من الهواء حتى تكاد تشعر أنها بلا جذور.

    ثم تدخل شطرك الآخر، لترمي فيه بعضاً مما حملت في طريقك من الهمومِ والأحزان، تشعرُ بنقاءِ الهواء، وأصالةِ البناء، وثباتِ الأشجار وزهاءِ الثمار التي ضربت بجذورها الرّاسخة كل الأرجاء، تُسلّم على أبناء وطنك هناك، لتدبّ في عروقك ألوان السّعادة والبهاء، تفخر بإخوانك الصّامدين الصّابرين هناك رغم أنفِ الأعداء، تسألهم عن الأحوال، وما إن يبدؤوا بالنطق عن الحال، تعرف أنه نفس الحال، نعم إنه الاحتلال، فهو لا يفرّق بين الشّطرين فالكل في نظره أعداء، تختلف أساليبهم المتبعة هنا وهناك، ولكن الحال نفس الحال، الإحتلال لا يفرّق بين الشّطرين في نظرةِ العداء، ولكنّ الشّطران يصرّان على الفُرقةِ ليطمئنّ الأعداء.

    ردحذف
  5. إياد
    أرى ما كتبتَ أنتَ أجمل بكثير مما كتبت أنا عن الرحلة فقد أوجزت حروفك ما لم تستطع حروفي ايجازه

    شكراً لمروركَ هنا
    و علّ الله يعيدنا يوماً إلى شطرنا الثاني لنطمئن
    لعلنا نعود المرة القادمة رافعي الرأس منتصبي الهامات

    ردحذف
  6. علّ هذا من جميل تواضعكِ ورقيّ أسلوبكِ..

    إن شاء الله لنا عودة إلى وطننا الحبيب قريباً..

    ردحذف

شارك برأيك