الخميس، نوفمبر 17، 2011

ردٌ طالما انتظرته

لقد تجاوزت حدود السعادة اليوم حين تلقيت رداً -على ما كتبت منذ عام- ممنْ أعطانا حرية التفكير، ممنْ أحمل له من الامتنان و الشكر الكثير، ممن سمح لنا أن نحلل و نناقش و نستنتج حتى نصل إلى أسلوبنا الخاص بالتفكير و نكتشف أخطائنا ونقومها ...
أستاذنا الفاضل الدكتور/ عبد الرحمن محمد

" المهندسة الفاضلة والأخت العزيزة بل ابنتي الكريمة رغدة،
الطلبة المميزون لهم ذكريات خاصة في أذهان مدرسيهم، و كذلك كنتم دفعة مميزة من الطالبات اللاتي اجتهدن أن يرسمن على وجه فلسطين الحزين في ليلها الكئيب بسمة من نور وإن كانت باهتة إلا أنها ثابتة، كتبتم عن فينومينولوجيا العمران بعد الحرب ، عن معايشتكم لهذا العمران الغريب في الزمن العجيب و كنت أنا طيلة الوقت احدث نفسي عن تجربتي أنا في معايشة هؤلاء الطلبة في استكشاف لون خوفهم الذي يخافون وتذوق طعم فرحهم الذي يفرحون وربما تستغربين أنني وجدت في ذلك عجبا، وجدت ما لا يوجد و لم أجد ما أقوله و لا أصفه و لا افهمه، و لا أنا أجاري شعارات أخيرة لها عناوين سياسية إن قلت أنني كنت دائما أتعجب أي نوع من البشر تكونون، لم أبُح لأي أحد من قبل بهذا الكلام و مرت بنا الأيام مسرعة كالرحى الفارغة الخرساء فلا جعجعة ولا طحنا حتى جاءت يراع طبت فيها الزيت فإذا بها تضيء كما المصباح في المشكاة و كما زيت الزيتون في جبال فلسطين، و كنت أنت ربابة التي صبت ماء الحنين على جدب الحياة، نعم لم أكن امزح وأنا ارمي هذه الأفكار مثل الصياد أمام بحر قد جفت ينابيعه أو كالزارع أمام حقل من صخر أصم، لكني كنت على يقين أن تلك الينابيع ما زالت فيها جذوة السقاء و النقاء فكنت أنت واحدة منها و كنت على يقين أن تلك الصخور في داخلها نخل باسقات سوف يوما تخترق الجلمود و تحيله إلى سفر الخلود و كنت أنت نخلة منها ،

ابنتي العزيزة،، سوف يكون لنا موعد آخر قريب على شطآن هذه الينابيع و تحت ظلال تلك النخلات و إلى حينها استودعك الله ...

(يمكنك نشر هذه الرسالة في مدونتك فلانشغالي الشديد الآن ربما لا أجد الوقت الكافي) "



لقد كان هذا النص رداً على الموضوع الذي تم نشره منذ عام في هذه المدونة و هذا هو رابط الموضوع
:

http://raghda-maher.blogspot.com/2010/09/normal-0-false-false-false.html


قد تعجز كلماتي عن الشكر فلم أجد حروفاً تصل لتكون رداً عليكَ أستاذي الفاضل
كن بخير ..
ننتظر رجوعكَ بفارغ الصبر ، فكل زاويةٍ في هذا الوطن تفتقدكَ .

الأحد، يوليو 03، 2011

فقاعة شعور أتمنى أن لا تعود ،



لَم أجد مفراً من ترك أثرٍ على تلك المدونة التي جذبني فيها ما كُتب بعد طول غياب ، فَقَد صارَ علينا أن نقضي جميعاً مُسرِعين بغير ارادتنا و على غير ما نرغب به ، فأحداث حياتنا اليومِية لا تكاد تدركنا و لا نكاد ندركها، لا أعلم ان تشابهت أحوال طقس الشعور لدينا فلَم نعُد نريدُ التَفكيرَ فِيمَا نرِيدُ أَو مَا لَا نرِيد،
أواقاتنا كفقاعةِ صابونٍ يرمي بها الهواء حيث يرغب هو ، فقاعةٌ تمتلئ هواء له طعم آخر ولكنه سرعان ما يختلط بالهواء المحيط به حال انفجار تلك الفقاعة فتتلاشى عن الأول صفة التميز التي أكسبها اياه ذاك الغلاف الرقيق الملون

أدّعي مؤخراً أن تأخر الادراك يرافقني ويورثني ذهولاً يطفئ التعبير عن أي تغير في تصرفاتي و انطباعاتي و ميولي فيُخرسني - و أقصد نفسي بهذه الكلمة بكل قسوة حرف الخاء فيها -

لا أعلم إن كان ما أقول مكانه المناسب هنا ، و لكن تلك السطور القليلة استحثت مشاعري الكامنة و أيقظت بي ما كنت أود ان أبقى في غفلةٍ عن وجودهِ في داخلي ، فكأن ما كُتب يقترب مما بي ...

اعذرني يا كاتب ذاك المقال الذي يصف بعضاً من حالي ، تحدثت عن نفسي كثيراً و لكني لا أتقن التحدّث فيما لا أعرف ، لعل معرفة الانسان نفسه أحق له من أن يبحث في تأويل نفوس الآخرين و هو جاهلٌ بها كل الجهل ... بعيدٌ عنها كل البعد ، لا يرى إلا قشور الحروف منها و بعض تركيباتٍ لغوية لا يستطيع من خلالها نسج ما تحتويه النفوس من تشابك و تعقيد ...

إن آخر اهتمامتي أن يقرأ أحدٌ ما كتبتُ هنا ، فأنا أود أن أقرأ وحدي فقط ، و إن تسائل أحدكم عن سبب نشر هذه التدوينة الآن و هنا فالسبب بسيطٌ جدا هو ادراكي أنّ ليسَ الادراكُ وحدَه ما يصنع الأشياء و عدم حاجتي لتذكر ذلك
...

الجمعة، يونيو 24، 2011

ادراكٌ متأخر ،


رداتُ فعلٍ متثاقلة على أحداثٍ متتابعة أتقنت فيها التمثيل و حاولت مقاومة البُرود القاتل الذي يسكنني، فلا أدري لمَ أصبحت ردود أفعالي على الأحداث بطيئةً جداً حد موت الكلمات على الألسنة و حد وقوف الفعل على احداث التغيير أو الانطلاق في التعبير ، فها هي مدونتي تبدو منطفئة التعبير لم تستدرك أحداث حياتي و تعرضها أمامكم، ما زلت افرك عيوني غير مصدقة ما أرى من اللاشئ هنا على هذه الصفحات.
علّ مرافقتي لجهازي المحمول أورثتني بعضاً مما أنا فيه الآن، فقد أضحى في الآونة الأخيرة لا يستجيب لأمري إلا بعد حين و يعاندني في اكمال ما بدأت عليه و يعلمني من التحمّل و الصبر و الانتظار ما كنت أحتاجه فعلاً و ما كنت سأفتقده ، و لكن يبدو أنه تجاوز الحد المسموح به في التعلّم منه .
و الغريب في الأمر أنه كان يجب عليّ أن أغضب و اثور عليه و أفرغ كل محتوياته و اجبره على الاستجابة لما أريد أنا حباً و كراهية ، و لكني كنت على العكس من ذلك فأصبحت كجهازي - خليلي - على دين خليله فهو الأكثر قرباً مني و الأكثر تأثيراً عليّ .
إن ما حدث بعد ما حلُمت به أن يحدث كان عكس توقعاتي تماماً فقد صار البطء الشديد في الاستيعاب و التعبير هو المحرك الأساسي لتصرفاتي، فلم يترك لي مجالاً لألاحق الزمان فقد أصبحت أشعر أن الوقت يهرب مني و يهجرني، يعدو بسرعةٍ تفوق حد استطاعتي اللحاق به .
لا أكاد أدرك ما يحدث حولي و لا أكاد استطيع التعبير عنه.
دعوني استرح قليلاً ...
أشعر بإني بحاجة لراحةٍ طويلة و لكنني أخاف الكسل و الخمول ،فقد تعوّدت على الانشغال الدائم و أخشى الفراغ القادم ...
لعل الأحداث المتلاحقة لم تتح لي أن أُحسن الفصل بين ردات الفعل التي تشابكت رغماً عني ...

الأحد، يونيو 12، 2011

نظرة ،

بؤسٌ ... جوعٌ ... يأسٌ ... أم فقر
لم تستطع عدسة الكاميرا أن تغض الطرف عمّا رأته، ولم يُسعفني ركوبي بحافلةٍ تمضي دون الاكتراث بما حولها، أن أقف طويلاً أمام هذه الطفلة لأدقق فيما تفعل أو حتى لأتمكن من اقتلاع الأفكار التي تسكن رأسها ببعض تبادلات الحديث - التي قد لا تكون مجدية لأعرف ما أريد أن أعرف منها - و لكن لم تستطع أن تُخفي عن عدستي ذاك الأسى الغامر في عينيها الغاضبتين ، و لا اضطرابها الممزوج بالقلق المُبهم ، و لا حيرتها التي لا تعرف لها سبباً ، و لا استغرابها في دافعي لتصويرها ... و لكنّي أدّعي أني استطعت أن أقرأ ما أرادت أن تنطق به ...
تُرى متى ستُخرج لنا هذه الطفلة أملاً من ذاك الكيس الأسود الذي طالما داعبها ... حيث كان لعبتها ظلهُ و ظلها و كيف تلاحقهما معاً و لا تدركهما فتشعر كأنها لم تُراوح مكانها ، و حين تلتقط انفاسها لتسترح قليلاً تذكر أنها كانت تجري بسرعةٍ أنستها أن قدميها العاريتين لامستا من الحرارة و من العثراتِ ما لا يستطيع أن يتحمله صاحب قوةٍ يرتدي حذاءاً و يبحث عن ظلٍ يحميه ...

تُرى أيكون مصيرها أن تقف أسيرة مجتمعٍ يحيطها بسلك شائك، يجعلها تنتظر رحمة أحدهم أو عطف ذاك ، لا تستطيع أن تفك قيدها أو أن تكون صاحبة قرارها ...

الثلاثاء، مايو 24، 2011

رحلة صباحية لأغراض تفقدية أم عبثية

أصعب الوقائع تصديقاً هي التي تُحاكي واقعاً يفوق أبعاد الخيال ، حيث يصبح المشهد فيها يفوق مشهداً تلفزيونياً أعدّه كاتب ليصف به السلوك الحقيقي للبعض الذي يعكس حاجتهم الملحة للمساعدة أو يصف على النقيض من ذلك ثقافة البعض الآخر في التسول و على الرغم من عشوائية الإخراج و التمثيل و غياب حرفية النص المكتوب لما يحدث إلا أنهم أبدعوا ترتيب تسلسل رحلة صباحية بحثية يمارسون فيها دون تخطيط أو شعور دراسة تتابع عمراني يعنيهم فيه أيقونات بصرية ترشدهم إلى ما يبحثون عنه ودعوني قبل متابعة رصد ذلك السلوك أن أعرف الحيز المعماري الذي يقصده أولئك البسطاء و هو عبارة عن سلسلتين من البنايات المتلاصقة تتقابلان فيما بينها و يفصل بينهما شارع وعلى طول هذا الشارع تجد شريط تجارياً حيوياً ربما يجعل لرحلته أغراض سياسية ممتعة أخرى .

و على اختلاف وسيلة المواصلات التي يستقلونها إلا أن الوصول واحد ، فالجولة تبدأ حينما تستقبل إحدى الأرصفة عربة و يكمل النازل منها البحث عن ضالته ضمن منطقة وصفها له البعض بالتكدس المؤسساتي الإغاثي ، ويستخدم كل عنصرٍ من عناصر النسيج الحضري الموجود كإشارة يستدل فيها السائل عن هدفه المقصود حتى لا يمضى في الاحتمالات طويلاً، فيبدأ محاولته في كشف و تقصي أماكن تلك المؤسسات بسؤال أحد المارة أو الباعة عن مسجد أو بقاله أو مطعم أو برج معروف يجاورها حتى يستطيع من خلاله تحديد مكان المؤسسة ضمن سياقها المعماري على أمل أن يجد ما يُعيله على أمور الحياة.


ممارسات معمارية بالقرب من المؤسسات الإغاثية


شمسٌ حارقة، هاتفٌ محمول ينتظر أمراً بممارسة بيع متعلقات مؤقتة قد لا يعود معظمها للبيت، أمرٌ أثار لدينا الدافع للتعاطي مع مثل هذه الظاهرة لمعرفة حيثيات وجودها .

ما الذي يجبر هذا الطفل على إشغال حيزٍ يشوه المشهد المعماري المجاور لإحدى مؤسسات المعونة ؟


وهنا يفاجئنا تناص عدسة الكاميرا مع الصورة السابقة موضحاً معنى أن تكون امرأةٌ عجوز لم تستطع أن تترك طفلين من أطفالها - في منزلٍ بارد- أن تشغل بعربتها حيزاً مكانياً يقابل إحدى المؤسسات تلك، تنتظر فرجاً قريباً يجعل من حياتها حياةً أفضل أو يسد جزءاً من رمق أطفالها الجوعى، ربما لا تعطي اهتماماً لما ترى حولها من عشوائية العمران و تشوه الشوارع بازدحام يكاد يجعل الشارع نهايةً مغلقة لا يمكن تجاوزها.

لماذا تقطع عجوزٌ قارب عمرها قرن تنقصه بضع سنين هذه المسافة كل يوم ؟

و تكمل مسيرها ضمن مشهدٍ معماري ألفته كأنها تعاتب البائعين الحاصلين على ما لا تستطيع حيازته هي رغم حاجتها الملحة له.

ربما عليها أن تكون أماً عاملةً في تجميع ما يُقيت أبنائها الجوعى مستخدمةً عَرَبة بدائية تعيينها على حمل ما جمعت وإيواء أطفالها المؤقت ريثما تكمل ممارستها المعمارية في البحث والتنقيب .

بائعون يتخيرون أماكن اصطياد زبائنهم اليوميين لأنهم جمعوا في أحيزتهم الفراغية سمة مميزة، كونهم استطاعوا أن يشغلوا حيزاً خاصاً ضمن المشهد المعماري العام الذي جعلهم في منطقةٍ تتوسط مكان عبادة يرتاده الناس خمس مرات يومياً و مؤسسة يرتادها البعض كل صباح .

فوضى عارمة تجعل من مفردات الشارع منتجاً فراغياً مشوهاً يحمل سمة لم يستطع أي شارع آخر - يخلو من تلك المؤسسات - أن يحملها .

فهل ستبقى الفوضى و القذارة سمةً مميزة لتجمع الناس في أماكن مزدحمة ؟!


لم تستطع عدسة الكاميرا ثني أطراف الحقيقة أو غض الطرف عن أولئك العاملين في مجال البحث والتسول دون معرفة استحقاقهم لما يطلبون أو عدمه مستخدمين كل وسائل استجداء العطف وأهمها الأطفال.

كالمتشبث بالحياة يخاف أن يفلت ما استطاع حيازته فيبقى يُصارع الحياة متجاهلاً ما يرى من النسيج العمراني.


بابٌ مفتوح وعيونٌ تنتظر إذناً بالدخول علها تجد المراد منكرةً كل ما ترى حولها من مشاهد معمارية مألوفة يعيشها الناس كل يوم وتتجاهل تلك المؤسسة التعليمية المكتظة ومبانيها العالية.

عملٌ آخر يساعد به هذا الطفل أباه، فضيق العيش جعل من هذه العربة مصدر رزقٍ لهما يجمعان فيه ما طُلِب منهما جمعه وإيصاله إلى حيث أشخاصٍ ملّوا الانتظار أو لا حاجة تجبرهم على المكوث هنا .

شاهدةٌ على آمال بسيطة.تجمع بين وسيلةٍ بدائية ووسيلة حديثة، تعرض تناقضات تطرح تطبيقات ميدانية غريبة.

و تحت رحمة البعض ينتظر البعض الآخر خارجاً.